Sabtu, 07 Juli 2012

التصوف وأهميته في الدعوة


التصوف وأهميته في الدعوة
تعريف التصوف
لفظ التصوف والصوفية لم يكن معروفا في صدر الاسلام وإنما هو محدث بعد ذلك أو دخيل على الاسلام من أمم أخرى. لذلك اختلف الأقوال في معنى التصوف وحقيقته.
قَالَت طَائِفَة إِنَّمَا سميت الصُّوفِيَّة صوفية لصفاء أسرارها ونقاء اثارها . وَقَالَ بشر بن الْحَارِث الصُّوفِي من صفا قلبه لله.
وَقَالَ قوم إِنَّمَا سموا صوفية لقرب أوصافهم من أَوْصَاف أهل الصّفة الَّذين كَانُوا كَانُوا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
 وَقَالَ قوم إِنَّمَا سموا صوفية للبسهم الصُّوف
وَأما من نسبهم إِلَى الصّفة وَالصُّوف فَإِنَّهُ عبر عَن ظَاهر أَحْوَالهم وَذَلِكَ أَنهم قوم قد تركُوا الدُّنْيَا فَخَرجُوا عَن الأوطان وهجروا الاخدان وساحوا فِي الْبِلَاد وأجاعوا الأكباد وأعروا الأجساد لم يَأْخُذُوا من الذنيا إِلَّا مَالا يجوز تَركه من ستر عَورَة وسد جوعة
فلخروجهم عَن الأوطان سموا غرباء
ولكثرة أسفارهم سموا سياحين
وَمن سياحتهم فِي البراري وإيوائهم إِلَى الكهوف عِنْد الضرورات سماهم بعض أهل الديار شكفتية والشكفت بلغتهم الْغَار والكهف
وَأهل الشَّام سموهم جوعية لأَنهم إِنَّمَا ينالون من الطَّعَام قدر مَا يُقيم الصلب للضَّرُورَة كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَسب ابْن آدم أكلات يقمن صلبه
وَمن تخليهم عَن الْأَمْلَاك سموا فُقَرَاء. 
فقد اجْتمعت هَذِه الْأَوْصَاف كلهَا ومعاني هَذِه الْأَسْمَاء كلهَا فِي أسامى الْقَوْم وألقابهم وَصحت هَذِه الْعبارَات وَقربت هَذِه المآخذ
وَإِن كَانَت هَذِه الْأَلْفَاظ متغيرة فِي الظَّاهِر فَإِن الْمعَانِي متفقة لِأَنَّهَا إِن أخذت من الصفاء والصفوة كَانَت صفوية
وَإِن أضيفت إِلَى الصَّفّ أَو الصّفة كَانَت صَفِيَّة أَو صَفِيَّة, وَإِن جعل مأخذه من الصُّوف استقام اللَّفْظ وَصحت الْعبارَة من حَيْثُ اللُّغَة.
وَقَالَ أَبُو عَليّ الزوذباري وَسُئِلَ عَن الصوفى فَقَالَ من لبس الصُّوف على الصفاء وَأطْعم الْهوى ذوق الْجفَاء وَكَانَت الدُّنْيَا مِنْهُ على الْقَفَا وسلك منهاج الْمُصْطَفى
وَسُئِلَ سهل بن عبد الله التسترِي من الصُّوفِي فَقَالَ من صفا من الكدر وامتلأ من الْفِكر وَانْقطع إِلَى الله من الْبشر واستوى عِنْده الذَّهَب والمدر
وَسُئِلَ أَبُو الْحسن النوري مَا التصوف فَقَالَ ترك كل حَظّ للنَّفس
وَسُئِلَ الْجُنَيْد عَن التصوف فَقَالَ تصفية الْقلب عَن مُوَافقَة الْبَريَّة ومفارقة الْأَخْلَاق الطبيعية وإخماد الصِّفَات البشرية ومجانبة الدَّوَاعِي النفسانية ومنازلة الصِّفَات الروحانية والتعلق بالعلوم الْحَقِيقِيَّة وَاسْتِعْمَال مَا هُوَ أولى على الأبدية والنصح لجَمِيع الْأمة وَالْوَفَاء لله على الْحَقِيقَة وَاتِّبَاع الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الشَّرِيعَة.[1]
أما تاريخ متى استخدمت كلمة الصوفي أو التصوف في لقب رجل ونسبة له، ذكر ذلك الإمام القشيري في الرسالة قال :
اعلموا رحمكم اللَّه تَعَالَى أَن الْمُسْلِمِينَ بَعْد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يتسم أفاضلهم فِي عصرهم بتسمية علم سِوَى صحبة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ لا فضيلة فوقها , فقيل لَهُمْ: الصَّحَابَة , ولما أدركهم أهل العصر الثَّانِي سمى من صحب الصَّحَابَة التابعين , ورأوا ذَلِكَ أشرف سمة ثُمَّ قيل لمن بعدهم أتباع التابعين ثُمَّ أختلف النَّاس وتباينت المراتب , فقيل لخواص النَّاس مِمَّن لَهُمْ شدة عناية بأمر الدين: الزهاد والعباد ثُمَّ ظهرت البدع وحصل التداعي بَيْنَ الفرق فَكُل فريق أدعوا أَن فيهم زهدا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مَعَ اللَّه تعالي الحافظون قلوبهم عَن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هَذَا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة.[2]

وهكذا يتبين لنا أن التصوف نشأ مع اللإسلام وولد معه ، لأنه جزء منه وليس بشيء زائد عليه بل هو التطبيق العملي والجانب الروحي منه ، وهو لا يمت بصلة إلى ما يقوله أعداء الإسلام عنه أنه مأخوذ عن الأمم الأخرى ، بل ما هو في واقع الأمر إلا حال النبي - صلَّى الله عليه و سلَّم - وآله والقرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية ، وما الصوفي إلا المسلم الذي يكون في حاله مع الله ومع الناس أقرب شئ إلى ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وصفوة أصحابه .

القرآن الكريم والسنة النبوية ( مصادر التصوف الإسلامي )
وقَالَ الإمام الجنيد[3]: من لَمْ يحفظ الْقُرْآن وَلَمْ يكتب الْحَدِيث لا يقتدى بِهِ فِي هَذَا الأمر، لأن علمنا هَذَا مقيد بالكتاب والسنة.
وقال : مذهبنا هَذَا مقيد بأصول الكتاب والسنة[4]
من هنا نعرف أن الصوفى هو من تبع الكتاب والسنة ، فى نقاء وسماحة واحتياط ، وشرطه أئمة الصوفية فى مريديها أخذاً من قوله تعالى : مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) آل عمران .
الحَدِيث النبوى تخلقوا بأخلاق الله[5]
 وصوره الحَدِيث الْقُدسِي الذي رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري.[6]
بهذا الدليل استدل الصوفي على عمل الفناء. وَبِهَذَا الفناء يحس الصُّوفِي إحساس ذوق ووجدان وقلب وروح بِإِذن الله سُبْحَانَهُ مَعَه وَفِي ضَمِيره وحركاته وكلماته.
فالفناء الصُّوفِي لَيْسَ فنَاء جَسَد فِي جَسَد وَلَا فنَاء روح فِي روح إِنَّه فنَاء إِرَادَة فِي إِرَادَة وفناء أَخْلَاق فِي اخلاق وصفات فِي صفيات أَو كَمَا يَقُول الصُّوفِيَّة فانيا عَن أَوْصَافه بَاقِيا بأوصاف الْحق
إِنَّه لتصعيد للكمال تصعيد تخفق أجنحته فِي أفق قدسي علوى ثمَّ تخفق صاعدة صاعدة حَتَّى تنَال شرف التخلق بأخلاق الصِّفَات الإلهية.[7]
يَقُول الْعَلامَة الكلاباذي وَمن فنَاء الحظوظ حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ مَا علمت أَن فِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُرِيد الدُّنْيَا حَتَّى قَالَ الله تَعَالَى {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} فَكَانَ عبد الله فِي هَذَا الْمقَام فانيا عَن إِرَادَة الدُّنْيَا.[8]


الطريق الموصل إلى الله
ذكر الإمام القشيري في الرسالة : أول رتبة فِي القرب القرب من طاعته والاتصاف فِي دوام الأوقات بعبادته. وَأَمَّا البعد فَهُوَ التدنس بمخالفته والتجافي عَن طاعته فأول البعد بَعْد عَنِ التوفيق ثُمَّ بَعْد عَنِ التحقيق بَل البعد عَنِ التوفيق هُوَ البعد عَنِ التحقيق قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخبرا عَنِ الحق سبحانه: مَا تقرب إلي المتقربون بمثل أداء مَا افترضت عَلَيْهِم ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حَتَّى يحبني وأحبه فَإِذَا أحببته كنت لَهُ سمعا وبصرا فبي يبصر وبي يسمع الخير.
فقرب العبد أولا قرب بإيمانه وتصديقه ثُمَّ قرب بإحساسه وتحقيقه وقرب الحق سبحانه. [9]
ومن ذَلِكَ الشريعة والحقيقة.
 الشريعة أمر بالتزام العبودية. والحقيقة مشاهدة الربوية.
 فَكُل شريعة غَيْر مؤيدة بالحقيقة فغير مقبول.
وكل حقيقة غَيْر مقيدة بالشريعة فغير محصول .فالشريعة جاءت بتكليف الخلق والحقيقة إنباء عَن تصريف الحق فالشريعة أَن تعبده والحقيقة أَن تشهده والشريعة قيام بِمَا أمر والحقيقة شهود لما قضى وقدر وأخفى وأظهر.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: قَوْله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] حفظ الشريعة {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] إقرار بالحقيقة.[10]
والمقام: مَا يتحقق بِهِ العبد بمنازلته من الآداب بِمَا يتوصل إِلَيْهِ بنوع تصرف، ويتحقق بِهِ بضرب تطلب ومقاساة تكلف فمقام كُل أحد موضع إقامته عِنْدَ ذَلِكَ وَمَا هُوَ مشتغل بالرياضة لَهُ وشرطه أَن لا يرتقي من مقام إِلَى مقام آخر مَا لَمْ يستوف أحكام ذَلِكَ المقام فان من لا قناعة لَهُ لا يصح لَهُ التوكل ومن لا توكل لَهُ لا يصح لَهُ التسليم، وَكَذَلِكَ من لا توبة لَهُ لا تصح لَهُ الإنابة ومن لا ورع لَهُ لا يصح لَهُ الزهد، والمقام هُوَ الإقامة كالمدخل بمعنى الإدخال والمخرج بمعنى الإخراج، ولا يصح لأحد منازلة مقام إلا بشهود إقامة اللَّه تَعَالَى إياه بِذَلِكَ المقام ليصح بناء أمره عَلَى قاعدة صحيحة. [11]
والحال عِنْدَ الْقَوْم: معنى يرد عَلَى القلب من غَيْر تعمد مِنْهُم ولا اجتلاب ولا اكتساب لَهُمْ من طرب أَوْ حزن أَوْ بسط أَوْ قبض أَوْ شوق أَوِ انزعاج أَوْ هيبة أَوِ احتياج، فالأحوال مواهب والمقامات مكاسب، والأحوال تأتي من غَيْر الوجود والمقامات تحصل ببذل المجهود وصاحب المقام ممكن فِي مقامه وصاحب الحال مترق عَن حاله.[12] من الأحوال مراقبة وقرب ومحبة وخوف ورجاء وشوق وأنث وطمأننة ومشاهدة ويقين.
ذكر السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي في كتابه الصوفية والتصوف في ضوء الكتاب والسنة:
 أما الإمام محيي الدين النووي المتوفى سنة 676 هـ فيقول في رسالته ( المقاصد السبعة في أصول طريق التصوف ) :
وهي خمس . تقوى الله في السر والعلانية . واتباع السنة في الأقوال والأفعال . والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار . والرضا عن الله تعالى في القليل والكثير . والرجوع إلى الله في السراء والضراء .
( فتحقيق التقوى ) بالورع ، والاستقامة . وتحقيق السنة بالتحفظ ، وحسن الخلق . ( وتحقيق الإعراض ) بالصبر ، والتوكل . ( وتحقيق الرضا ) عن الله بالقناعة والتفويض . ( وتحقيق الرجوع إلى الله تعالى ) بالشكر له في السراء ، واللجوء إليه في الضراء .( وأصول ذلك خمسة ) علو الهمة، وحفظ الحرمة ، وحسن الخدمة ونفوذ العزيمة ، وتعظيم النعمة .
( فمن علت همته ) ارتفعت رتبته . ومن حفظ حرمة الله حفظ الله حرمته . ومن حسنت خدمته وجبت كرامته : ومن نفذت عزيمته دامت هدايته ، ومن عظم النعمة شكرها .
ومن شكرها استوجب المزيد.
( وأصول المعاملات خمسة ) طلب العلم ، للقيام بالأمر . وصحبة المشائخ والأخوان للتبصر . وترك الرخص والتأويلات . للتحفظ . وضبط الأوقات بالأوراد ، للحضور . وأتهام النفس في كل شئ . للخروج عن الهوى . والسلامة من العطب .
( فطلب العلم ) آفته صحبة الأحداث سناً وعقلاً وديناً مما لا يرجع إلى أصل ولا قاعدة ، وآفة الصحبة الأغترار والفضول . وآفة ترك الرخص والتأويلات الشفقة على النفس : وآفة اتهام النفس الأنس بحسن أحوالها وأستقامتها : وقد قال الله تعالى وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا سورة الانعام / 70
( وأصول ما تداوى به علل النفس ) خمسة : تخفيف المعدة بقلة الطعام والشراب واللجأ إلى الله مما يعرض عند عروضه ، والفرار من مواقف ما يخشى الوقوع فيه ، ودوام الاستغفار مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأجتماع الخاطر ، وصحبة من يدلك على الله تعالى .[13]


العبر من أقطاب الصوفية
سأركز بحثي في أخذ العبر من أقطاب الصوفية في أدابهم وأخلاقهم ومعاملاتهم وعقائدهم التي لها أهمية في حياتنا اليوم خاصة في الدعوة إلى الله.
  1. العقيدة
وَقَالَ الجنيد: إِن أول مَا يحتاج إِلَيْهِ العبد من عقد الحكمة معرفة المصنوع صانعه والمحدث كَيْفَ كَانَ إحداثه، فيعرف صفة الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، ويذل لدعوته , ويعترف بوجوب طاعته، فَإِن لَمْ يعرف مالكه لَمْ يعترف بالملك لمن استوجبه.
وسئل الجنيد عَنِ التوحيد فَقَالَ: إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته أَنَّهُ الْوَاحِد الَّذِي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] بنفي الأضداد والأنداد والأشباه بلا تشبيه , ولا تكييف , ولا تصوير , ولا تمثيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ البوشنجي رحمه اللَّه: التوحيد أَن تعلم أَنَّهُ غَيْر مشبه للذوات ولا منفي الصفات.[14]
وقول الإمام الجنيد واضح أن أول شيئ لا بد أن يكون في الصوفي والداعي إلى الله صحيح الاعتقاد والعقيدة. وأن يعتقد أن الله وحده يستحق للعبادة وهو خالق ومدبر ورازق ولا شريك له في ذكك كله. ويعبد الله مخلصا له الدين بغير تشبيه الذوات ومنفي الصفات.
ويعرف غاية حياته التي لأجلها خلقت وهي عبادة الله وحده ولايشرك به شيئا. ويعبد الله حسن العبادة. ويجتنب عما يغفله عن العبادة من شهوات الدنيا وكثرة المعاصي والذنوب لأنها تميت القلوب.
 وهذا نأخذ من تاريخ أَبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أدهم بْن مَنْصُور من كورة بلخ رَضِيَ اللَّهُ تعالي عَنْهُ كَانَ من أبناء الملوك فخرج يوما متصيدا فأثار ثعلبا أَوْ أرنبا وَهُوَ فِي طلبه فهتف بِهِ هاتف: يا إِبْرَاهِيم , ألهذا خلقت أم بِهَذَا أمرت؟ ثُمَّ هتف بِهِ أَيْضًا من قربوس سرجه والله مَا لِهَذَا خلقت ولا بِهَذَا أمرت، فنزل عَن دابته وصادف راعيا لأبيه فأخذ جبة للراعي من صوف ولبسها وأعطاه فرسه وَمَا مَعَهُ، ثُمَّ إنه دَخَلَ البادية ثُمَّ دَخَلَ مَكَّة وصحب بِهَا سُفْيَان الثَّوْرِي والفضيل بْن عياض، ودخل الشام وَمَاتَ بِهَا.[15]
  1.  في الأدب
وأن يحرص الداعي على استخدام الوقت في الخيرات حتى لا يكون فوتا فراغا بلا عمل. كما قال أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَي بْن معاذ الرازي[16]: الفوت أشد من الْمَوْت، لأن الفوت انقطاع عَنِ الحق والموت انقطاع عَنِ الخلق.[17]
وأن يحفظ اللسان ولا يسمع إلا خيرا لأن سماع الباطل يميت القلب كما قال أَحْمَد بْن عَاصِم إِذَا طلبت صلاح قلبك فاستعن عَلَيْهِ بحفظ لسانك. وقَالَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن خبيق[18] : طول الاستماع إِلَى الباطل يطفئ حلاوة الطاعة من القلب.[19]
3.   في الأخلاق
الداعي إلى الله لا بد أن يتزين بالأخلاق الكريمة وعليه ترك المعاصي والذنوب لأنها تميت القلوب التي هي محل الهداية حتى ينور الله قلبه ويهديه إلى سبيل الرشاد. لذلك كان من دعاء إبراهيم بن أدهم [20]: اللَّهُمَّ انقلني من ذل معصيتك إِلَى عز طاعتك.[21]
وأن يجعل رسول الله قدوة ويحبه باتباع ما أمر به وترك ما نهى عنه. وقد قال ذو النون المصري[22]: من علامات المحب لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ متابعة حبيب اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه.[23]
وكذلك ما قَصه  بشر بْن الْحَارِث الحافي[24] حيث قال : رأيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام , فَقَالَ لي: يا بشر , أتدري لَمْ رفعك اللَّه من بَيْنَ أقرانك؟ قُلْت: لا يا رَسُول اللَّهِ، قَالَ: باتباعك لسنتي , وخدمتك للصالحين , ونصيحتك لإخوانك ومحبتك لأَصْحَابي , وأهل بَيْتِي، وَهُوَ الَّذِي بلغك منازل الأبرار.[25]
وهذا دليل واضح على أن الصوفي الداعي إلى الله من يتبع ويحب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل بيته وينصح المؤمنين ويتعاونون فيما بينهم على البر والتقوى.
وأن يكثر الداعي الاستغفار ويتوب إلى الله لأنه ليس معصوما. ويعتقد أن الله يقبل توبة عبده ولو كان الذنب كبيرا كثيرا وأن الله سينجيه من ظلمات الذنوب إلى نور الطاعة. يتجلى واضحا مثل ذلك في قصة توبة الفضيل بن عياض[26] كما كتبه الإمام القشيري في الرسالة : كانَ الفضيل شاطرا يقطع الطريق بَيْنَ أبيورد وسرخس وَكَانَ سبب توبته أَنَّهُ عشق جارية , فبينما هُوَ يرتقى الجدران إِلَيْهَا سمع تاليا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] , فَقَالَ: يا رب , قَدْ آن , فرجع فآواه الليل إِلَى خربة , فَإِذَا فِيهَا رفقة , فَقَالَ بَعْضهم: نرتحل، وَقَالَ قوم: حَتَّى نصبح , فَإِن فضيلا عَلَى الطريق يقطع عَلَيْنَا , فتاب الفضيل وأمنهم وجاور الحرم حَتَّى مَات.[27]
ويعتبر الداعي أن الدنيا ليست هي غاية الحياة وإنما هي وسيلة إلى الدار الأخرة الخالدة أبد الأبدين. لذلك وجدنا كثيرا من أقطاب الصوفية لا يهتمون بأمور دنياهم، مقبلين إلى الله بحسن العبادة والمحبة والشوق إلى النظر إلى وجه الله الكريم ولقائه . قَالَ الفضيل: لو أَن الدنيا بحذافيرها عرضت عَلَى ولا أحاسب بِهَا لكنت أتقذرها كَمَا يتقذر أحدكم الجيفة إِذَا مر بِهَا أَن تصيب ثوبه.[28]
  1. في المعاملات
"وَكَانَ إبراهيم بن أدهم يأكل من عمل يده مثل الحصاد وحفظ البساتين وغير ذَلِكَ"[29]
من هذه القصة نأخذ العبرة أن الداعي إلى الله لا بد أن يعمل لسداد ما يحتاج إليه في حياته. ولا يعتمد على إعطاء الأخرين .ولا يجعل الدعوة سبيلا لجمع الثروات يبيع الدين بالدنيا القليلة. وقد مدح الله ورسوله من يعمل لسداد حاجته. قال الله تعالى :
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده".
ونظر أَبُو تراب يوما إِلَى صوفي من تلامذته قَدْ مد يده عَلَى قشر بطيخ وَقَدْ طوى ثلاثة أَيَّام فَقَالَ لَهُ أَبُو تراب: تمد يدك عَلَى قشر البطيخ أَنْتَ لا يصلح لَك التصوف الزم السوق.[30]
وليس من التصوف ترك الدنيا بتة مقبلا للأخرة ادعاء أنه من الزاهدين. إنما الزهد كما قَالَ الْجُنَيْد الزّهْد خلو الأيدى من الْأَمْلَاك والقلوب من التتبع
و قَالَ على بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ وَسُئِلَ عَن الزّهْد مَا كَانَ فَقَالَ هُوَ أَن لَا تبالى من أكل الدُّنْيَا من مُؤمن أَو كَافِر.[31]
وقد اشتهر من أقطاب الصوفية من يكون غنيا كمثل إبراهيم بن. فالدنيا في يده والأخرة في قلبه . ولا يخرج هذا من دائرة الزاهدين.

المخالفات في التصوف
قال صالح فوزان في مقالته حقيقة الصوفية، ونقل هو من كتاب التصوف المنشأ والمصدر لإحسان إلهي ظهير: قال الشيخ " إحسان إلهي ظهير"  ـ يرحمه الله ـ في كتابه : " التصوف ، المنشأ والمصادر" (*( عندما نتعمق في تعاليم الصوفية الأوائل والأواخر وأقاويلهم المنقولة منهم والمأثورة في كتب الصو فية القديمة والحديثة نفسها نرى بونا شاسعا بينها وبين تعاليم القران والسنة ، وكذلك لا نرى جذورها وبذورها في سيرة سيد الخلق محمد " صلى الله عليه وسلم " وأصحابه الكرام البررة خيار خلق الله وصفوة الكون ، بل بعكس ذلك نراها مأخوذة مقفبسة من الرهبنة المسيحية والبرهمة الهندوكية وتنسك اليهودية وزهد البوذية .
وقال :
للصوفية  خصوصا ـ المتأخرين منهم منهج في الدين والعبادة يخالف منهج السلف ، ويبتعد كثيرا عن الكتاب والسنة . فهم قد بنوا دينهم وعبادتهم على رسوم ورموز واصطلاحات اخترعوها ، وهي تتلخص فيما يلي :
1 ـ  قصرهم العبادة على المحبة ، فهم يبنون عبادتهم لله على جانب المحبة ، ويهملون الجوانب الأخرى ، كجانب الخوف والرجاء ، كما قال بعضهم : أنا لا أعبد الله طمعا في جنته ولا خوفا من ناره ـ ولا شك أن محبة الله ـ تعالى ـ هي الأساس الذي تبنى عليه العبادة.
2. ــ  الصوفية في الغالب لا يرجعون في دينهمة وعبادتهم إلى الكتاب والسنة والاقتداء بالنبي ، " صلى الله عليه وسلم " ، وإنما يرجعون إلى أذواقهم وما يرسمه لهم شيوخهم من الطرق المبتدعة ، والأ ذ كار والأوراد المبتدعة ، وربما يستدلون بالحكايات والمنامات والأحاديث الموضوعة لتصحيح ما هم عليه ، بدلا من الاستدلال بالكتاب والسنة ، هذا ما ينبغي عليه دين الصوفية .
3 ــ  من دين الصوفية التزام أذكار وأوراد يضعها لهم شيوخهم فيتقيدون بها ، ويتعبدون بتلاوتها ، وربما فضلوا تلاوتها على تلاوة القران الكريم ، ويسمونها ذكر الخاصة . زأما الذكر الوارد في الكتاب والسنة فيسمونه ذكر العامة . فقول لا إله إلا الله . عندهم هو ذكر العامة ، وأما ذكر الخاصة : فهو الاسم المفرد :: الله :: وذكر خاصة الخاصة :: هو ::
4. غلو المتصوفة في الأولياء والشيوخ خلاف عقيدة أهل السنة والجماعة. الأولياء عند الصوفية فلهم اعتبارات ومواصفات أخرى ، فهم يمنحون الولاية لأشخاص معينين من غير دليل من الشارع على ولايتهم ، وربما منحو الولاية لمن لم يعرف بإيمان ولا تقوى ، بل قد يعرف بضد ذلك من الشعوذة والسحر واستحلال المحرمات ، وربما فضلوا من يدعون لهم الولاية
على الأنبياء ، صلوات الله عليهم وسلامه عليهم.
5. من دين الصوفية الباطل تقربهم إلى الله بالغناء والرقص ، وضرب الدفوف والتصفيق . ويعتبرون هذا عبادة لله .
6. ومن دين الصوفية الباطل ما يسمونه بالأحوال التي تنتهي بصاحبها إلى الخروج عن التكاليف الشرعية نتيجة لتطور التصوف.
هذا ما كتبه صالح فوزان في حقيقة التصوف . أقول أن هذا ليس بصحيح كله بل هو يبالغ  في تضليل التصوف عاما ولا يفرق بين من على طريق الحق ومن على طريق الباطل ويظن أنهم لا يستندون في أقوالهم وأفعالهم على الكتاب والسنة . سنحلل واحد تلو واحد حتى يتبن لنا الحق.
أما قوله "قصرهم العبادة على المحبة" هذا ليس بصحيح، لأن في التصوف المقامات والأحوال التي هي الطريق للتقرب إلى الله وكلها مستند من القران والسنة كما بين ذلك الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين بيانا كافيا . والمحبة من ضمنها وليست هي الطريق الوحيد.
 لذلك لو أمعنا النظر في مناجاة رابعة العدوية لربها  إذ كانت تقول له :
(اللهمم إني ما عبدتكك حين عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولكني علمت أنك رب تستحق العبادة فعبدتك.)  سندرك سمو مشاعر التوحيد فيها. فرابعة كانت تسأل الله الجنة وتستعيذ به من النار، وكم كانت في الكثير من مناجاتها تتخوف من عقابه الذي ترى   نفسها معرضة له، وكم كانت تتشوق إلى إكرامه وجنة قربه، ولكنها لم تكن تطلب ذلك أجرا على عبادتها، وقيمة لصلاتها ونسكها. وإنما كانت تسأله ذلك لأنه الغني الكريم ولأنها الفقيرة الراغبة بجوده. أما طاعتها وعبادتها فقد كانت تتقرب بها إلى الله لأنه ربها ولأنها أمته. إنها مدينة بحق العبودية له، ومن ثم فإن عبوديتها تلح عليها أن تعبده وأن تخضع لسلطان ربوبيته، ولا شيء إلا لأنها أمته ولأنه ربها. وسواء أأكرمها بنعيم جنته أو زجها في أليم عذابه, فلن تنقص معه ميثاق هذا الالتزام. وكيف تنقصه وهي في كل الأحوال صنع يده وملك ذاته؟[1]
أما قوله ــ  الصوفية في الغالب لا يرجعون في دينهمة وعبادتهم إلى الكتاب والسنة والاقتداء بالنبي ، " صلى الله عليه وسلم". نجيب بما قاله الجنيد حين سُئِلَ عَن التصوف فَقَالَ تصفية الْقلب عَن مُوَافقَة الْبَريَّة ومفارقة الْأَخْلَاق الطبيعية وإخماد الصِّفَات البشرية ومجانبة الدَّوَاعِي النفسانية ومنازلة الصِّفَات الروحانية والتعلق بالعلوم الْحَقِيقِيَّة وَاسْتِعْمَال مَا هُوَ أولى على الأبدية والنصح لجَمِيع الْأمة وَالْوَفَاء لله على الْحَقِيقَة وَاتِّبَاع الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الشَّرِيعَة.[2]
هذا القول يتضح أن كل عمل في التصوف لا بد أن يستند من القرأن أو السنة أو اتباع العلماء، وإن خالف ما في الشريعة فلا اعتبار فيه، لأنه باطل وبدعة. وأكد ذلك ما قاله الإمام القشيري في الرسالة [3]:
"فِي بيان اعتقاد هذه الطائفة فِي مسائل الأصول اعلموا رحمكم اللَّه أَن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعد أمرهم عَلَى أصول صحيحة فِي التوحيد صانوا بِهَا عقائدهم عَنِ البدع , ودانوا بِمَا وجدوا عَلَيْهِ السلف وأهل السنة من توحيد لَيْسَ فِيهِ تمثيل ولا تعطيل وعرفوا مَا هُوَ حق القدم، وتحققوا بِمَا هُوَ نعت الموجود عَنِ العدم"[4]
وكذلك الحكم الذي كتبه ابن عطاء الله, كل حكمة تستند من القرأن والسنة ولا يخرج من كليهما كما ذكر ذلك الشيخ سعيد رمضان في شرح الحكم. وابن عطاء الله من أئمة الطريقة الشاذلية. وهو معاصر ابن تيمية. لو استند قوله من هواه  لا من القران والسنة لما احترمه ابن تيمية لأنه معترف بعلمه.
أما بنسبة وحدة الوجود فقد ذكره السيد يوسف هاشم الرفاعي في كتابه  وبينه بيانا كافيا :
"وحدة الوجود المشار إليها عند الصوفية المسلمين مغايرة لقول الفلاسفة ووحدتهم الفكرية التي لا تفرق بين الخالق والمخلوق والصنعة والصانع فأي كفر أعظم من هذا وأي نقص ينسب إلى الله أعظم من ذلك ؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، والصوفية أهل الحق براء من ذلك .
فوحدةالوجود التي يرمز إليها بعض الصوفية أمر معنوي وعلم رباني يتعلق بتحقيق الوحدانية لله في ذاته وصفاته وأفعاله عرفوا ذلك وتحققوا فيه بنور رباني وقد قيل فيه ( أتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) ، وعرفوا ذلك أيضاً بتحققهم بالتبعية المحمدية حيث قال الله لنبيه في كتابه :
" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي "
... الآية فالبصيرة المشار إليها هي الؤية القلبية والمشاهدة الباطنية لحقائق الأمور وبواطن الأشياء فيكتسب صاحبها علماً لا مطمع للحصول عليه بالفكر أو بالعقل أو النظرة الحسية ،فنظر رحمك الله إلى قوله تعالى لنبيه :
" عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي "
... الآية فليس هذا النور وتلك المشاهدة القلبية خاصة بالنبي - صلَّى الله عليه و سلَّم - وآله ولكن يشاركه في هذا المشرب من اتبعه بحق وهم خواص أمته فمن لم يتحقق بتلك التبعية المحمدية في الأقوال والأفعال والأحوال ، أو قل في ( الإسلام والإيمان والإحسان ) أو قل في (عمل الظواهر من الوقوف عند الحدود ، وفي عمل البواطن من التوكل والرضا والتعلق بالمعبود ، وفي عمل السرائر من الأذواق والمعارف والتحقق بأسرار الوجود ) وإلا فلا مطمع له بالوصول إلى مراتب الكمال ومقامات الرجال لأنه مقيد بالوهم والخيال وبالنفس الأمارة التي تتغطرس وتتكبر فتظن أنها تخرق الأرض وتبلغ الجبال طولاً وما هؤلاء بالنسبة للرجال الكمل من ذوي المعارف والأسرار إلا بمنزلة الصبيان .
فليس المراد بوحدة الوجود عند هؤلاء الصوفية وجودين قديمين اتحدا ولا قديم وحادث اتحدا تعالى الله عن ذلك فإنه سبحانه لا يحل في شئولا يمازج شيئاً ولا شئ في ذاته في خلقه ولا من خلقه في ذاته ، وقربه وبعده ليس كقرب الأجسام وبعدها، ولا هو محصور ولا محدود ولا يحمله شئ ولا هو حامل لشيء استوى على عرشه بذاته استواء يليق به ، مطلق في ذاته وصفاته وأفعاله لا تقوم صفاته إلا بذاته ولا تفارق ذاته صفاته تنزه عن أوصاف خلقه قال تعالى :" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ "
وكل من يتكلم في التصوف من غير أن يتذوقه ويتحققه وينصب نفسه قاضياً وحاكماً قاسياً على أولياء الله من رجال التصوف الإسلامي ويصدر حكمه فيهم بما عنده من الجهل بحقائقهم ويؤول كلامهم الذي لا يفهم معناه على مراده هو ، لا على مرادهم هم إنما ذلك لخبث في طويته أو جهل مركب أو هما معاً فلا يؤخذ بقوله في شأن الصوفية والتصوف الإسلامي لأنه جاهل بذلك إذ ليس من اختصاصه .
فقد قال أحد الصالحين ( إن كل من يتكلم في التصوف أو يحكم عليه من غير أن يعرف حقائقه ويتذوق معانيه إنما هو جاهل بالتصوف والصوفية فمثله كمن رأى جرة مملؤة مغلقة ورأى النحل يحوم حولها فحكم على ما في باطنها من تحويم النحل عليها من غير أن يتحقق بما فيها ) .[5]
فأنالا أنكر أن الصوفية منهم الغث السمين فمنهم المتحقق ومنهم المتبرك ومنهم المتلبس المتزندق . قال تعالى :
" هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ "
وعلى كل حال فالحجة قائمة وهي في الكتاب والسنة ، فمن ادعى أنه صوفي متحقق وخالف الكتاب والسنة في أقواله وأفعاله فمرفوض ادعاؤه ومردود قوله وما أكثر هذا الصنف بين صفوف المسلمين أعاذنا الله والمسلمين من شرهم .
والخلاصة أن كل أقوال وأفعال في التصوف التي يوافق ويستند إلى القرأن والسنة نعتبرها, وإلا فلا اعتبار فيها.
خلاصة أهمية التصوف في الدعوة
والتصوف الإسلامي هو الدين الخالص والنية الخالصة لله التي قامت على مبدأ تحقيق العبودية وتعظيم الربوبية وتحقيق عمارة البواطن بالمعارف والأسرار والرضا والتوكل والإخلاص وعمارة الظواهر بالعبادة والورع والتقوى ومتابعة النبي - صلَّى الله عليه و آله و سلَّم - وآله في أقواله وأفعاله . وهذا ما كان عليه النبي - صلَّى الله عليه و آله و سلَّم - وآله وأصحابه من التحقق بالدين ظاهراً وباطناً ، ورسوخاً في مراتب الدين الثلاث ( الإسلام والإيمان والإحسان ) الواردة في الحديث الصحيح الذي يرويه عمر بن الخطاب.
والحق أن التصوف تفسير ( لمقام الإحسان ) الذي هو ( مقام الشهود والعيان ) ولا مشاحة في المصطلحات وإنما العبرة للحقيقة والجوهر ، فإذا كان إصلاح الظاهر واجباً فإصلاح الباطن أوجب لأنه موضع نظر الله عز وجل ، وإذا كان إصلاح باطن العبد وسريرته وقلبه جوهر الدين فذلك هو التصوف ، ولا يزيد أبداً عن كونه إصلاحاً للقلوب .
وما الصوفية إلا قوم جاهدوا أنفسهم في الله فهداهم الله
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " سورة العنكبوت /69.
" سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين " .
وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلي آله وصحبه وأصفياء الله أجمعين .
,,, والله ولي النعمة والتوفيق ,,,


[1] محمد سعيد رمضان البوطي، شرح وتحليل الحكم العطائية،دار الفكر ، دمشق. ص 38  
[2] التعرف لمذهب أهل التصوف ، أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي، دار الكتب العلمية – بيروت، ص : 25

[3] وكذلك هذا جواب للدعوى في رقم 4،5،6
[4] الرسالة القشيرية ، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري, دار المعارف، القاهرة ص 24
[5]  الصفية والتصوف في ضوء الكتاب والسنة،: السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي ، دار الإيمان الكويت ص 9
 



[1] التعرف لمذهب أهل التصوف ، أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي، دار الكتب العلمية – بيروت، ص : 25
[2] الرسالة القشيرية ، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري, دار المعارف، القاهرة ص 34  .

[3] أَبُو القاسم الجنيد بْن مُحَمَّد: سيد هذه الطائفة وإمامهم اصله من نهاوند ومنشؤه ومولده بالعراق وأبوه كَانَ يبيع الزجاج
فلذلك يقال لَهُ القواريري، وَكَانَ فقيها عَلَى مذهب أَبِي ثور وَكَانَ يفتي فِي حلقته بحضرته وَهُوَ ابْن عشرين سنة، صحب خاله السرى والحارث المحاسبي ومحمد بْن عَلِيّ القصاب، مَات سنة سبع وتسعين ومائتين.

[4] الرسالة القشيرية ، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري, دار المعارف، القاهرة ص 79 
[5]
[6] الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي, دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ. ( كتاب الرقاق باب التواضع ج 8 ، ص 105 ، رقم 6502)

                                                                                      
[7] التعرف لمذهب أهل التصوف ، أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي، دار الكتب العلمية – بيروت، ص : 5

[8] نفس المرجع
[9] الرسالة القشيرية ، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري, دار المعارف، القاهرة ص 192

[10] 192 نفس المرجع
[11] نفس المرجع 153
[12] نفس المرجع 154
[13] الصفية والتصوف في ضوء الكتاب والسنة،: السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي ، دار الإيمان الكويت ص 21
[14] نفس المرجع ص 21
[15] نفس المرجع ص 35
[16] أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَي بْن معاذ الرازي الواعظ نسيج وحده فِي وقته، لَهُ لسان فِي الرجاء خصوصا وكلام فِي المعرفة، خرج إِلَى بلخ وأقام بِهَا مدة ورجع إِلَى نيسابور، وَمَاتَ بِهَا سنة ثمان وخمسين ومائتين.

[17] نفس المرجع ص 65
[18] عَبْد اللَّهِ بْن خبيق من زهاد المتصوفة صحب يُوسُف بْن أسباط كَانَ كوفي الأصل ولكنه سكن أنطاكية.

[19] نفس المرجع ص 72
[21] نفس المرجع ص 36
[22] اسمه ثوبان بْن إِبْرَاهِيم , وقيل: الفيض بْن إِبْرَاهِيم وأبوه كَانَ نوبيا توفى سنة خمس وأربعين ومائتين فائق هَذَا الشأن وأوحد وقته علما وورعا وحالا وأدبا
[23] نفس المرجع ص 38
[24] أصله من مرو وسكن بغداد وَمَاتَ بِهَا وَهُوَ ابْن أخت عَلِي بْن خشرم، مَات سنة سبع وعشرين ومائتين وَكَانَ كبير الشأن
[25] نفس المرجع ص48
[26] إنه ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد مَات بمكة فِي المحرم سنة سبع وثمانين ومائة.

[27] نفس المرجع ص 40
[28] نفس المرجع ص41

[29] نفس المرجع ص 35
[30] نفس المرجع ص 70
[31] التعرف لمذهب أهل التصوف ، أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي، دار الكتب العلمية – بيروت، ص : 94

Powered By Blogger